رائع جداً، بل أكثر من رائع ،أن تهتم مؤسسات المجتمع المدني في المملكة، وفي مقدمتها لجنة وهيئة حقوق الإنسان، بحقوق العمال جميعاً ،والعمالة الوافدة على وجه الخصوص. وهو يدل على وصول الوطن والمواطن في بلادنا ،إلى مستوى وعي عال ودرجة كبيرة من الرقي في التعامل مع الإنسان، بصرف النظر عن دينه ومذهبه وعرقه وجنسيته ومستواه الاجتماعي وطبيعة العمل الذي يؤديه .
لقد حثت القوانين الدولية على هذا الاهتمام ، كما أن ديننا الإسلامي الحنيف قبلها اهتم بالإنسان ورعايته وأعطى أهمية كبيرة له، ليس في حياته فحسب ،بل حتى بعد مماته ،ومن ذلك إعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
تتناول وسائل إعلامنا، وخصوصاً الصحافة ،ما يدور من أفكار حول إلغاء نظام الكفيل، وتتحدث عن استحداث هيئة حكومية ترعى شؤون العمالة وفق أسس قانونية ونظامية دقيقة.
هذه الهيئة يجب أن نرى على يدها ومن خلال نظامها قفلا لجميع الأبواب التي تضخ إلى بلادنا في كل يوم الآلاف بل مئات الآلاف من العمالة السائبة، والمتخلفة والتي ازدحمت بها القرى والمدن بل وحتى الصحاري والطرق.نظام الهيئة الجديدة يجب أن يكون نظاماً قابلاً للتطبيق، ويمنع من دخول المملكة كل أصحاب السوابق وخريجي السجون من العمالة المجرمة والتي تكاد لا تخلو صحيفة يومية من جريمة جديدة يقترفها احدهم أو عصابة منهم. العمالة القادمة إلى المملكة ومن خلال نظام الهيئة البديلة للكفيل، يجب أن يشترط بها مؤهل تعليمي ولو بسيطا ،يحمله كل قادم لبلادنا ،لا نريد أن نخرب ما أصلحه التعليم في بلادنا من خلال استقدام عمالة جاهلة ومتخلفة ثقافياً.
ومثل اهتمام نظام الهيئة الجديدة بحقوق العمالة ،يجب أن تعطي بنفس المستوى من الاهتمام ، واجبات هذه العمالة تجاه رب العمل ،وتجاه الوطن والمواطن السعودي. بحيث يفرض على كل عامل أو عاملة قادمة للمملكة دورة تدريبية لمدة أسبوع واحد يتم من خلالها تعريف هذه العمالة بحقوقها وواجباتها وبالعقوبات التي سوف تفرض في حالة الإخلال بأي من تلك الواجبات.مع هذا التنظيم الجديد يجب أن تحدد وبدقة حقوق وواجبات مكاتب الاستقدام، التي وبكل أسف تحول معظمها إلى بؤرة وقاعدة تنطلق منها العمالة التي انتشرت جريمتها في كل مكان، لأنه وبكل بساطة، لا توجد جهة يمكن الرجوع اليها من قبل أرباب العمل في الحالات الكثيرة التي يحدث فيها خلاف بين رب العمل ،والعامل، ومكتب الاستقدام. لابد من وجود جهة محايدة تزود بصورة من العقد بين ،مكاتب الاستقدام وصاحب العمل، وبين مكاتب الاستقدام والعمال ،بحيث تكون المرجع للجميع ولا تتحول مكاتب الاستقدام إلى الخصم والحكم في نفس الوقت.
هناك آمال عريضة وكبيرة في هذه الهيئة ونظامها، نأمل أن تتحقق ومعها يتحقق للوطن التخلص من العمالة السائبة والمتخلفة امنياً وثقافياً.
- اليوم الإلكتروني
- عدد 12897 صفحة الرأي
- الأثنين 1429-10-07 هـ 2008-10-06 م
0 التعليقات:
إرسال تعليق