مشاريعهم الخيالية!!

على مدى حوالي العشر السنوات الماضية تقريباً، ووسائل الإعلام خصوصاً الصحف تشهد بين حين وآخر، إعلانات ملونة على صفحة ، بل وغالباً على صفحتين، ويتكرر هذا الإعلان على مدى أسابيع، وبألوان ورسوم تخطيطية رائعة، لضاحية جديدة سوف يقيمها القطاع الخاص في العاصمة الرياض وفي جدة وفي المنطقة الشرقية.
هذه الضواحي الخيالية تعطى أسماء جميلة رائعة، ويحتوي الإعلان على الكثير مما سوف تضمه هذه الضاحية، ومن ذلك فندق وأحيانا فندقان، ومركز أو مراكز تجارية، وحدائق ومتنزهات، وخدمات الهاتف والماء والكهرباء بل وحتى الانترنت..هذا غير مدارس البنين والبنات لكل المراحل، والمراكز الطبية والعلاجية، وأندية اجتماعية وثقافية ورياضية ومسابح، وغيرها من أماكن الترفيه والتسلية .. حتى الآن لم يعلن أي مطور عقاري شامل عن مشروع يضم بين جنباته جامعة.
بعض هذه الإعلانات يخصص في الضاحية الجديدة ما يساوي سبعين في المائة للحدائق والمتنزهات، ويكتفي بالباقي، وهو ثلاثون بالمائة للوحدات السكنية والخدمات، وبعضها يخصص أربعين في المائة للوحدات، والباقي يقسمه بين الخدمات والحدائق والمتنزهات.
إنها «ضواحي» تقع أحيانا على البحر في المدن الساحلية، وأحيانا في قلب الصحراء ، ويوضع لها في الإعلان بحيرة، ووعد بتحويلها إلى واحة خضراء يندر وجود مثيل لها في الصحراء على مر التاريخ .. بعض المعلنين يصوّر مدنا في أوروبا أو في أمريكا، ويضعها في الإعلانات، وضمن الحملة الإعلانية تقوم بعض الوسائل الإعلامية بمتابعة أخبار توقيع تنفيذ بعض أجزاء هذه الضواحي الخيالية، فهذا مطور يوقع اتفاقية للبدء بزراعة المناطق الخضراء في الضاحية، وذلك مطور آخر يوقع اتفاقية لتحويل ضاحيته إلى ضاحية ذكية، وذلك بتمديد الانترنت اللاسلكي في أرجاء ضاحية الخيال .
بعض المواطنين الذين يسكنون في منازل مستأجرة، ويحلمون بامتلاك منازل في هذه الضواحي الخيالية، يزورون مكاتبها للتعرف عن قرب على المزيد من التفاصيل، فيقابلهم في مكاتب التسويق بعض من المسوّقين المستقدمين من بعض البلاد العربية فيضع لهم كما يقولون القمر في يد والشمس في اليد الأخرى .. هناك من يقع في الفخ بعد مشاهدته أفلاما وعروضا بالصوت والصورة والكلمة عن ضاحية المستقبل، فيوقع على الأوراق ويتسلّم مجموعة من الأوراق، مكتوب فيها واجباته بأسلوب وبخط واضح، لا لبس فيه ولا غموض، أما حقوقه فقد كتبت ولكن بكلمات مطاطة تحوي الكثير من الغموض وتقبل التفسير على عدد من الأوجه.
الطريف خلال العشر السنوات الماضية، انه لم يعلن ولو لمرة واحدة عن افتتاح أي ضاحية من هذه الضواحي، أقامها القطاع الخاص في أي منطقة سعودية، ونفذ فيها كل أو حتى بعض ما كان يعلن عنه، كما لا يوجد في كل هذه المشاريع الخيالية، طرف ثالث رسمي يضمن حقوق الطرفين : المستثمر المطور والمستهلك أو بلغة أخرى البائع والمشتري.
msoa1953@yahoo.com

0 التعليقات: