الاسمنت للتصدير ولكن !!!

خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، تناقلت الكثير من صحفنا المحلية، مطالبات عديدة للقائمين على صناعة ومصانع الاسمنت في بلادنا، يطالبون فيها الجهات المختصة ،بالسماح لهم بتصدير الاسمنت المصنوع في المملكة ،والمقتطع من الصخور والتربة الوطنية السعودية ،بتكلفة شبه مجانية، إلى خارج المملكة بدعوى انخفاض الطلب عليه وتبعاً لذلك انخفاض سعره محلياً .
المفترض انه يحق للسعوديين، الذين استثمروا أموالهم في صناعة الاسمنت تحقيق الارباح من الداخل أو من الخارج ،والبحث عن الأسواق المناسبة لتحقيق اكبر قدر من الأرباح.إلا انه ومن منطلق المعاملة بالمثل ،يجب أن تتاح للمستهلك السعودي فرصة الحصول على الاسمنت المحلي أو المستورد بأرخص الأسعار، وذلك بالسماح باستيراد الاسمنت من جميع البلاد التي نتبادل معها علاقات تجارية .
إن السماح بتصدير الاسمنت الوطني، وكذلك السماح باستيراده من خارج المملكة، يعد خطوات لمصلحة المستهلك والمستثمر في وقت واحد، فالمستهلك أمامه عروض وأسعار مختلفة من كل بلاد العالم ،وسوف يختار الأجود وقليل التكلفة .والمستثمر في الوقت نفسه تكون الأسواق العالمية و المحلية مفتوحة له ويتنافس مع الصناعات العالمية .هناك من يطالب بفتح الأبواب لتصدير الاسمنت السعودي، وبعدم السماح باستيراد الصناعات الأجنبية من الاسمنت ،وهذا فيه منتهى الاجحاف في حق المستهلك السعودي، وبالذات ذوو الدخل المحدود ممن يبنون بيت العمر ، لان النتيجة النهائية لمثل هذا القرار هي ارتفاع أسعار الاسمنت المحلي على المواطن الذي لن يكون أمامه إلا شراء اسمنت محلي مهما كانت تكلفته وبأي سعر كان وإلا التوقف عن البناء حتى إشعار آخر.
يجب تشجيع الصناعات الوطنية سواء أكانت الاسمنت أو غيره ولكن بشروط لعل في مقدمتها، ألا يكون هذا التشجيع على حساب المستهلك في المملكة ،وان تعتمد هذه الصناعات على مواد خام محلية ،وعلى أياد عاملة سعودية تم تدريبها على رأس العمل في هذه المصانع.لأنه من غير المنطق أن يتم تشجيع صناعة يتم فيها استيراد المواد الخام الأولية اللازمة لهذه الصناعة ، و الميكنة والمعدات والأجهزة اللازمة للصناعة ،وقبل ذلك استقدام عمالة من خارج الحدود ،لان هذا النوع من الصناعات يكون هدرا للثروة الوطنية بكل أنواعها ،أي تقديم ثروات الوطن لغير أبنائه .
إذا كانت مصانع الاسمنت السعودية والتي هي اليوم حوالي عشرة مصانع منتشرة في عدد من مناطق المملكة ،تدرب وتشغل كوادر وطنية ،وتعتمد على مواد خام سعودية فلنقف جميعاً معها ونسمح لها بتحقيق الأرباح، من خلال السماح لها بتصدير منتجاتها لان ما سوف تحققه هذه المصانع من الأرباح سوف يعود في الأخير على الوطن والمواطن.
إن أعداد الأيدي الوطنية العاملة ، والمواد المستعملة ،في صناعة الاسمنت السعودية وغيرها، هي التي تحدد نوع ومدى التشجيع الذي تستحقه هذه الصناعات.

0 التعليقات: