يدور جدل في المجالس الخاصة، وفي المنتديات العامة ،وفي مجلس الشورى ،ومجالس المناطق ،والمجالس البلدية ،حول العلاقة بين الأمن المائي والأمن الغذائي ،وأيهما أهم للوطن وللمواطن، فهناك من يطالب بإيقاف الزراعة بكل أنواعها ومساحاتها ، ومنع المزارعين، بل هناك من يطالب بهدم كل المزارع والبساتين ،وحتى منع جميع الصناعات التي تعتمد على الماء ، لأنها جميعها تهدر الثروة المائية الأساسية لكل شيء، والتي هي في أرضنا محدودة جداً في كميتها ، وليست بتلك الجودة في نوعيتها.
أصحاب هذا الرأي ينادونا برفع شعار الأمن المائي أولا في بلد يفتقر إلى وجود الأنهار دائمة الجريان، والى الأمطار الموسمية الدائمة ، والى المياه الجوفية ، إنهم يخشون على الأجيال القادمة من نضوب الماء ،والذي يعني نضوبه نهاية الحياة لكل كائن حي على هذه الأرض.
وجهة النظر الأخرى ،تدعو إلى الزراعة لجميع أنواع المحاصيل، والصناعة الغذائية لكل أشكال الصناعة ،مهما احتاجت من المياه أنهم يدعون إلى زراعة القمح والنخيل والفواكه والخضار في كل مناطق المملكة وعلى أراض تقاس بالكيلومترات مهما احتاجت وأهدر في زراعتها من المياه ، ويدعون إلى صناعة الألبان والعصائر وغيرها من المصنوعات التي تعتمد صناعتها على الماء بل وعلى كميات كبيرة من المياه حتى أن صناعة لتر اللبن الواحد قد تحتاج إلى حوالي عشر لترات من الماء.
المهم عند هؤلاء أن نكون بلداً مصدراً لمنتجات تعتمد على المياه مثل التمر والألبان والعصائر والقمح وغيرها من المنتجات ذات العلاقة الوثيقة بالماء أي بلغة أخرى أن نصدر ماءنا القليل جداً والذي يكاد يقترب من النضوب أي نبيع الثروة الوطنية من المياه مقابل بضعة دراهم تعود لعدد محدود من رجال الأعمال.
لا يختلف اثنان على الأهمية البالغة للأمن المائي، وعلى أهمية الماء للحياة سواء للإنسان أو للحيوان وللنبات ،ولكن أيضا لا يمكن أن نتخيل الوطن دون منتجات زراعية تغطي ولو نصف أو حتى ربع الاحتياج الوطني، فلنرفع شعار لا لتصدير المنتجات الزراعية ولا لتصدير المنتجات الحيوانية كالألبان أو المنتجات النباتية كالعصائر وكل المنتجات القائمة على الماء ،ولكن فلنصنع ولنزرع القليل مما نحتاجه من هذه المزروعات والمصنوعات .لا يمكن أن نمنع الزراعة والمنتجات الغذائية القائمة على المياه بشكل مطلق.
يمكن تخصيص مركز وطني كبير للبحث في أساليب علمية حديثة تتوفر من خلالها المياه إما من خلال التحلية، أو من خلال استخدام الطاقة الشمسية في إعادة الاستفادة من المياه المستخدمة في غير الزراعة لأغراض زراعية، لتوفير بعض ما يحتاجه الوطن من المحاصيل و الصناعات الزراعية ،لا نطالب بمنع الزراعة بكل اشكالها ،ولا بمنع الصناعات الغذائية القائمة على الماء ، ولكن لنرشدها من حيث الكمية والنوعية بحيث يمكن أن تغطي بعض ما نحتاجه مع منع تصديرهما.
الأمن الغذائي المائي
في الاثنين، 18 أغسطس 2008
0 التعليقات:
إرسال تعليق