أعرف أن ما سوف اطرحه ليست المسئولة عنه وزارة التعليم العالي ولا وزارة العمل ولا وزارة الخدمة المدنية. فقد أعلنت وزارة التعليم العالي أن الجامعات العشرين التابعة لها والابتعاث للجامعات والكليات المحلية و الخارجية سوف يغطي أكثر من خمسة وثمانين في المائة من مجموع الحاصلين على الثانوية العامة والذين يصل عددهم اليوم إلى نحو ربع مليون. ما تقوم به وزارة التعليم العالي هو عمل مشكور حيث فتحت كل الأبواب لمن يريد أن يواصل التعليم الجامعي وفي العديد من التخصصات التي يعاني المجتمع فيها فقراً شديداً ، هنا ينتهي دور وزارة التعليم العالي فقد أوجدت مقاعد لكل الراغبين وأتاحت الفرصة للاختيار بين الداخل والخارج .
الدور المهم بل الأهم بقي للتعامل مع هذا السيل الكبير والضخم من الحاصلين على الشهادة الجامعية بعد نحو أربع سنوات، وظائف الخدمة المدنية وصلت في بعض المؤسسات الحكومية إلى درجة فاقت درجة التشبع ، أي أن الخدمة المدنية لن تستوعب ولا حتى خمسة إلى عشرة بالمائة من هؤلاء المتخرجين، ولكن ماذا عن وزارة العمل هذه الوزارة ومنذ تأسيسها أو بالأحرى انفصالها في وزارة مستقلة عن الشؤون الاجتماعية لم تستطع رغم كل المحاولات أن تروض مؤسسات القطاع الخاص على تعيين الكوادر الوطنية وإحلالها محل العناصر الوافدة، هذه الوزارة استطاعت ورغم كل الجهود، وأحيانا الصراع مع بعض القائمين على الغرف التجارية والصناعية الوصول إلى نسبة توظيف ثلاثة في المائة فقط من السعوديين في القطاع الخاص، أما السبعة والتسعون الباقون فقد فازت بها الكوادر المستقدمة من الخارج حيث تكاد تقفز نسبة الوافدين إلى حوالي نصف سكان المملكة ، والخوف أن يصبح غير السعوديين إذا استمر الاستقدام بنفس الوتيرة هم الأكثرية في بلادنا .
إذا أين يكمن الحل؟ لابد في موضوع خطير كهذا من صدور خطة استراتيجية يشارك بها مجلس الشورى ومجالس المناطق وتقر من مجلس الوزراء وتنفذ على مدى خمس إلى عشر سنوات، بحيث تنخفض البطالة بنسبة محددة وينخفض الاستقدام بنفس النسبة ، ويعلن مع الميزانية العامة للدولة الرقم الذي انخفض إليه الاستقدام والبطالة في العام الماضي، والرقم المتوقع للعام القادم ،ويوكل أمر تنفيذ هذه الخطة الرسمية والشعبية إلى هيئة يشارك في مجلسها ممثلون للحكومة وللغرف الصناعية والتجارية ولمؤسسات التعليم والتدريب في القطاعين العام والخاص ،ويقدم رئيسها وبشكل نصف سنوي أو ربع سنوي تقريراً إلى مجلس الشورى حول كل ما تم والمعوقات إذا كان هناك ما يعيق تنفيذ هذه الاسترتيجية الوطنية ويكون كل ذلك بمنتهى الشفافية والوضوح.
البطالة أمرها خطير، ورجحان نسبة الأجانب في المملكة مقارنة بأهل البلاد الأصليين أكثر خطورة ،وإذا لم ندق ناقوس الخطر اليوم ،فان أبناءنا سيصبحون غرباء في بلادهم وهو ما لا نريده جميعاً.
صحيفة اليوم السعودية: عدد 12806 صفحة الرأي - الأثنين 1429-07-04 هـ 2008-07-07 م
0 التعليقات:
إرسال تعليق