كيف تحول شهر الرحمة، والمغفرة ،والعتق من النار ،عند عدد غير قليل في المملكة إلى شهر للسهر في الليل أمام الفضائيات، وكسل في النهار ،وبطء في انجاز العمل ،ونوم في المكاتب والمصليات، وتفنن في أنواع المأكولات والمشروبات .
لقد ساهمنا جميعاً ،وعلى كافة المستويات الشعبية والرسمية ،في انتشار هذا التحول غير المنطقي في معنى ومفهوم رمضان، حتى أصبح لشهر الصوم في بلادنا معنى مغايراً لمعنى الصيام في كل بلاد العالم الإسلامي ولدى أكثر من مليار مسلم .
السعوديون العاملون أو الدارسون في الخارج، بل والمسلمون في كل ارض وتحت كل سماء، يمر عليهم هذا الشهر الكريم فيصومون أيامه ويقومون لياليه دون أن يتغير عليهم شيء في برامجهم اليومية.
مواعيد وساعات العمل والدراسة هي هي لا تتغير ،مواعيد الإجازات في القطاعين العام والخاص لا تتغير ،مدة الحصة الدراسية والمحاضرة الجامعية لا تزيد ولا تنقص .
بدل أن يتناول الواحد منهم وجبة الإفطار في غير رمضان في السابعة صباحاً يتناول السحور في الرابعة فجراً ،وبدل وجبة الغداء في الخامسة عصراً ،يتناولون وجبة الإفطار الرمضاني بعد أذان المغرب، أما وجبة منتصف النهار فتتحول إلى منتصف الليل تقريباً .
يصلون التراويح في المساجد، ولا تستغرق مدتها مع صلاة العشاء ساعة واحدة على أكثر تقدير، ويصلون التهجد أو القيام في العشر الأواخر ولا تستغرق مدتها الساعتين.
يذهبون إلى مدارسهم ومكاتبهم وجامعاتهم في كل صباح مثلهم مثل أي موظف أو طالب آخر غير مسلم، ويستغلون ساعات الفسحة للغداء في تلاوة آيات الذكر الحكيم بخشوع، إما في مكاتبهم أو في مكتبات المدارس والجامعات.
هل نحن الذين جعلنا رمضان مختلفا في بلادنا ؟وهل نحن الذين ربطنا بين هذا الشهر الفضيل والكسل في العمل والدراسة والانجاز على وجه العموم؟ وهل نحن الذين ساهمنا في جعل الموظفين يؤجلون الكثير من أعمالهم حتى ينقضي رمضان ؟وهل نحن الذين دعونا الطلاب والطالبات والموظفين والموظفات إلى السهر المبالغ فيه بإزاحة ساعات الحضور إلى العمل أو إلى المدرسة والجامعة من السادسة أو السابعة صباحاً إلى العاشرة ،وبتقليل مدة الدروس و المحاضرات وخفض ساعات الدوام في القطاعين العام والخاص .
بعض غير قليل من السعوديين يصومون أيام الاثنين والخميس والأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة والعاشر والتاسع من محرم بل وهناك من يصوم صيام داوود يصوم يوماً ويفطر يوماً وغيرها من أيام التطوع بالصيام ،ومع ذلك كل شيء يسير شبه طبيعي في العمل والدراســة والنوم وغيرها من البرامـــــج اليومية .
ترى هل ساهمنا في كل ما يحدث عندنا في رمضان؟ وكيف حدث هذا التحول ؟ثم لماذا نلوم من يكثر النوم، أو من يكثر السهر، أو من ينــــوع في أكله وشربه، إذا كنا ساهمنا في كل ذلك.
رمضان وخصوصية غربية
في الاثنين، 24 سبتمبر 2007
0 التعليقات:
إرسال تعليق