هذا هو عنوان لكتاب علمي جديد، أهداني نسخة منه مؤلفه الدكتور عبد الله بن إبراهيم العمير، والمؤلف العمير ،هو وكيل كلية الآداب للشئون الأكاديمية ،وأستاذ الآثار الإسلامية المشارك في جامعة الملك سعود. رغم علمية هذا المؤلف وأهميته للمتخصصين في الدراسات الآثارية والمعمارية ، إلا أن هناك الكثير من الجوانب التي تشدك اليه ، منها على سبيل المثال لا الحصر، شموليته للعديد من الموضوعات التي قد تهم المهتمين بالمناخ والبيئة والمؤثرات الدينية والاجتماعية وعلاقتها بالعمارة التقليدية في منطقة نجد ،كما أن تطرقه للعناصر الزخرفية التجميلية في هذه العمارة يهم ذوي الاهتمامات الفنية ،ولقد شدتني بشكل كبير مصطلحات العمارة التقليدية والتي افرد لها الكاتب قسماً خاصاً .لقد خرج مؤلف هذا الكتاب بالعديد من النتائج ،لعل من أهمها، الأثر الكبير لعدد من العوامل في التخطيط الداخلي، وفي تشكيل الواجهات الداخلية والخارجية للعمارة التقليدية في منطقة نجد، ومن أهم تلك العوامل ، الدين، والقيم، والعادات، والتقاليد ،وكذلك الظروف المناخية .ولقد كان أثر تلك الظروف يتعدى تصميم الوحدات السكنية ،إلى النسيج العمراني، وتخطيط الأحياء، والشوارع، والطرقات ، فرغم أنها تبدو لمن يراها لأول وهلة، أنها بنيت بشكل عشوائي إلا أن الواقع يقول، أنها بنيت لتحقيق أغراض وأهداف، منها أنها تساعد على توفير ظروف اجتماعية تزيد من ترابط سكان المنزل الواحد، بل وحتى سكان الحي ،وحتى ترابط مجتمع القرية كلها ،ومن ذلك توفير الأمن والحماية من البرد والحر الشديدين اللذين تتعرض لهما المنطقة.
ولقد كان الآباء والأجداد يعتمدون في مواد البناء على ما تجود به أرضهم من منتجات محلية بحته كالأحجار، والطين، والأخشاب التي يعتمد فيها على أشجار النخيل والأثل. أما الأيدي العاملة فهي من أبناء القرية نفسها ،حيث يتعاون المشتغلون في أعمال البناء كل في مجاله وحسب إمكاناته البدنية والمعرفية ، دون الحاجة إلى الاعتماد على أي عمالة مستقدمة ولو من المناطق المجاورة . ولا يقتصر الاعتماد على الأيدي العاملة ومواد البناء المحلية بل حتى الأدوات المستخدمة في عمليات البناء والتشييد هي أدوات محلية بحتة قد يقتصر استخدام بعضها على الجوانب المعمارية ،وقد يستخدم بعضها الآخر في مجالات أخرى غير البناء والعمارة كالزراعة والصناعة والحدادة والنجارة وقد أشار المؤلف إلى عدد من تلك المستلزمات ومنها المسحاة والزنبيل .
لقد اعتمدت هذه الدراسة العلمية على العديد من المصادر، وفي مقدمتها، المقابلات الشخصية مع كبار السن من أرباب المهن ذات العلاقة الذين عايشوا تلك المرحلة المهمة في تاريخ العمارة في هذه المنطقة الغالية من بلادنا.و استطاع الدكتور العمير الوقوف ميدانياً على بعض غير قليل من نماذج العمارة التقليدية في نجد ومعاينتها ووصف نماذج تستخدم أما مدنياً كالمنازل الخاصة أو دفاعياً كالحصون والقلاع أو دينياً كالمساجد والجوامع.
هذا الكتاب جدير بالقراءة للمتخصصين ولغيرهم ففيه الكثير من المتعة المعلوماتية.
العمارة التقليدية في نجد
في الاثنين، 27 أغسطس 2007
0 التعليقات:
إرسال تعليق