إنه انتصـار الشعـب الأمريكي

ما تحقق في الولايات المتحدة الأمريكية، في الرابع من أكتوبر من عام 2008 لم يكن انتصاراً للرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما وحده ، ولم يكن انتصاراً للحزب الديمقراطي وحده، بل كان انتصاراً للشعب الأمريكي وللإرادة الأمريكية وللدستور الأمريكي ولحقوق الإنسان في العالم .
لقد استطاع جيل القرن الحادي والعشرين من الشعب الأمريكي إلغاء العنصرية بل وتدميرها والقضاء عليها ، وإعلان ذلك في أوضح صورة ممكنة ألا وهي انتخاب رجل اسود كان أجداده محرومين من ابسط الحقوق الإنسانية، وهي استخدام دورات المياه العامة وركوب حافلات النقل العام مع إخوانهم البيض أي مع أجداد من انتخبوا أحفادهم اليوم رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية .
عشت في أمريكا للدراسة ولمدة تنقص قليلاً عن خمس سنوات، وذلك قبل أكثر من ربع قرن ، وفي ولاية كاليفورنيا والتي كانت تعتبر ليبرالية بمقاييس تلك الأيام .. لقد كنت ألمس العنصرية والتعامل العنصري ضد الملونين بشكل عام وكنت اعد احدهم وضد الأفارقة السود على وجه الخصوص .. طبعاً لم تكن معلنة ولكنها تتضح عندما يذهب احدنا لاستئجار مسكن، لقد كانت أحياء مدينة لوس أنجلس شبه مقسّمة .. فحي لا يسكنه إلا البيض وحي مخصص للسود وثالث لذوي الأصول اللاتينية وهكذا .. لم أكن اعرف أن الناس قد يقسمون حسب ألوان بشرتهم إلا هناك.
ما حدث من نتائج مذهلة في الانتخابات الرئاسية في الأخيرة، لن يقود إلى التغيير بل هو التغيير بعينه، انه ثورة على العنصرية بل هو رفض لكل أنواعها، سواء عنصرية الجنس أو اللون وعنصرية المحافظين الجدد والذين كانوا يعتقدون أن ما يؤمنون به هو الوحيد الصحيح دون غيره وهو الواجب التطبيق وبالقوة في كل مكان من الكرة الأرضية .
لقد قسموا العالم إلى عالمين احدهما يؤمن بما يؤمنون به والآخر يخالفه ، وهذا تجب محاربته وهو بالضبط ما فعله زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي قسّم العالم إلى فسطاطين.
فوز اوباما وحّد العالم في جبهة واحدة من اجل الديمقراطية، المبنية على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات ، وليقف في خندق واحد ضد الإرهاب، المتوقع بعد هذا الانتصار الساحق للمثل والمبادئ الديمقراطية ، أن يلاقي سجناء جونتانامو محاكمة عادلة يقفل فيها هذا العار في جبين كل الأجيال المعاصرة ، وأن لا يرى العالم مشاهد تقشعر لها الأبدان كتلك التي في أبو غريب ، وان يخيم السلام على الشعب الفلسطيني وتعود له دولته بعاصمتها القدس الشريف ، وان يعطى للعراقيين حق تقرير الوضع السياسي الذي يودون أن يروا بلادهم عليه دون نهب خارجي لأي برميل نفط من ثرواتهم النفطية.
ترى هل يكون الرابع من أكتوبر من عام 2008 البداية الحقيقية لقرن يخيم فيه الأمن والسلام والعدالة على ربوع كوكبنا.

0 التعليقات: